top of page

لا‭ ‬يمكننا‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬معارض‭ ‬خريجي‭ ‬أكاديميات‭ ‬وكليات‭ ‬التصميم‭ ‬والفنون‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬الكورونا‭ ‬دون‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬الجائحة‭ ‬غير‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬حلت‭ ‬بنا‭, ‬خاصة‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬محادثات‭ ‬ومراسلات‭ ‬عديدة‭ ‬مع‭ ‬إداري‭ ‬المعارض‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الكليات،‭ ‬أدركت‭ ‬هَول‭ ‬الأثر‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬جائحة‭ "‬كورونا‭" ‬على‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬اللحظات‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬أفواج‭ ‬الخريجين‭ ‬الجديدة‭. ‬استوقفتني‭ ‬أفكار‭ ‬عديدة‭ ‬خلال‭ ‬تجوالي‭ ‬في‭ ‬المعارض،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لمرحلة‭ ‬الذروة‭ ‬في‭ ‬التجربة‭ ‬الجامعية‭ ‬التي‭ ‬يعرض‭ ‬فيها‭ ‬الخريجون‭ ‬والخريجات‭ ‬زبدة‭ ‬أعمالهم‭ ‬وسيرورة‭ ‬تجربتهم‭ ‬الدراسية‭ ‬أمام‭ ‬الجمهور،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مقيدة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الزوار،‭ ‬ومحدودة‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الزيارة‭. ‬على‭ ‬الاخص‭, ‬أثناء‭ ‬تجوالي‭ ‬بين‭ ‬أعمال‭ ‬الطلاب‭ ‬العرب،‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يُعَرّج‭ ‬عليهم‭ ‬جمهور‭ ‬غفير‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬خلت‭ ‬من‭ ‬جائحة،‭ ‬بسبب‭ ‬الحواجز‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭.‬

تزامنا‭ ‬مع‭ ‬الإغلاقات‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬المتاحف‭ ‬وصالات‭ ‬العرض،‭ ‬وتابعات‭ ‬هذه‭ ‬الموجة‭ ‬المفاجأة‭ ‬على‭ ‬عالم‭ ‬الثقافة‭ ‬والفنون،‭ ‬اعتقدت‭ ‬للوهلة‭ ‬الأولى‭, ‬قبل‭ ‬وصولي‭ ‬الى‭ ‬المعارض‭ ‬أن‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬سيطرحها‭ ‬الخريجون‭ ‬في‭ ‬أعمالهم‭ ‬ستتمحور‭ ‬حول‭ ‬الجائحة‭ ‬والتغيرات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬إلا‭ ‬أني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬على‭ ‬صواب،‭ ‬إذ‭ ‬وجدت‭ ‬استمرارية‭ ‬في‭ ‬تناول‭ ‬موضوعات‭ ‬سادت‭ ‬قبل‭ ‬الجائحة‭ ‬لدى‭ ‬معظم‭ ‬الخريجين‭. ‬كان‭ ‬هنالك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬المُلفتة،‭ ‬والمُثيرة‭ ‬للاهتمام‭ ‬والفضول‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬الكليات،‭ ‬تثبت‭ ‬أن‭ ‬الفن‭ ‬هو‭ ‬أداة‭ ‬للنقد‭ ‬المجتمعي‭. ‬تناولت‭ ‬الأعمال‭ ‬قضايا‭ ‬جوهرية‭ ‬كانت‭ ‬أيضا‭ ‬مشتركة‭ ‬لدى‭ ‬غالبية‭ ‬الفنانين،‭ ‬تفاوتت‭ ‬بين‭ ‬قضايا‭ ‬صراع‭ ‬مجتمعية‭ ‬مثل‭ ‬مكانة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي،‭ ‬وقضايا‭ ‬متعلقة‭ ‬بالهوية‭ ‬لدى‭ ‬الشباب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬،‭ ‬عناوين‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬التخبط‭ ‬والتمزق‭ ‬بين‭ ‬عالمين‭ ‬لدى‭ ‬الطالب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المنتج‭ ‬في‭ ‬الأكاديمية‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬من‭ ‬جهة‭ ‬يرغب‭ ‬الطالب‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬موضوعات‭ ‬تخص‭ ‬تجربته‭ ‬الشخصية‭ ‬داخل‭ ‬مجتمعه،‭ ‬نقدها،‭ ‬الإدلاء‭ ‬برأيه‭ ‬الفنيّ‭ ‬فيها،‭ ‬في‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد،‭ ‬وقضايا‭ ‬حساسة‭ ‬مثل‭ ‬قتل‭ ‬النساء‭ ‬والعنف،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬الانعتاق‭ ‬عن‭ ‬صراع‭ ‬قامع‭ ‬شمولي،‭ ‬يؤثر‭ ‬عليه‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬فلسطيني‭ ‬أخر،‭ ‬يريد‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬ينظر‭ ‬إليه‭ ‬بعين‭ ‬ناقدة،‭ ‬وأن‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الاحتلال‭. ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬واضحا‭ ‬وضوح‭ ‬الشمس‭ ‬أن‭ ‬الفنان‭ ‬العربي‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬الا‭ ‬وان‭ ‬يتطرق‭ ‬الى‭ ‬هاذان‭ ‬الموضوعان‭ ‬اللذان‭ ‬يشكلان‭ ‬هويته‭ ‬سويا،‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬أُمن‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المرفوض‭ ‬أن‭ ‬تغيب‭
إحدى‭ ‬هذه‭ ‬الموضوعات‭ ‬عن‭ ‬الحوار‭ ‬الفني،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬منصاتنا‭ ‬المحلية‭.‬

أثناء‭ ‬تجوالي‭ ‬في‭ ‬المعارض‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬بتسلئيل‭ ‬أو‭ ‬جامعة‭ ‬حيفا،‭ ‬كنت‭ ‬أُجبر‭ ‬نفسي‭ ‬أن‭ ‬أقف‭ ‬للحظة‭ ‬وأتأمل،‭ ‬وأن‭ ‬أتجرد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬تجاربي‭ ‬الشخصية‭ ‬عندما‭ ‬أُعاين‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية،‭ ‬كي‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬أفكار‭ ‬الفنان‭ ‬وتخيل‭ ‬الطريق‭ ‬الشاقة‭ ‬التي‭ ‬خاضها‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬الى‭ ‬عمله‭ ‬النهائي،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬لم‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬فعل‭ ‬التجريد‭ ‬عندما‭ ‬فشل‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬من‭ ‬إيصال‭ ‬المفاهيم‭ ‬التي‭ ‬أقاموا‭ ‬الأعمال‭ ‬عليها،‭ ‬أو‭ ‬إتقان‭ ‬استعمال‭ ‬الوسائط،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬مصور‭ ‬فيه‭ ‬مبالغة‭ ‬غير‭ ‬لازمة،‭ ‬أو‭ ‬لوحة‭ ‬رسمتها‭ ‬أيد‭ ‬هاوية‭.‬

مع‭ ‬ذلك‭ ‬شعرت‭ ‬خلال‭ ‬رحلتي‭ ‬المتواضعة‭ ‬بوجود‭ ‬بعض‭ ‬العناصر‭ ‬البارزة‭ ‬التي‭ ‬تميّز‭ ‬هذه‭ ‬الدفعة‭. ‬أولها‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬الطلاب‭ ‬الخريجين‭ ‬قرروا‭ ‬مشاركة‭ ‬قصتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬في‭ ‬أعمالهم،‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬مواقفهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭. ‬أرى‭ ‬في‭ ‬رغبة‭ ‬الفنانين‭ ‬إدخال‭ ‬قصصهم‭ ‬الشخصية‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬مشروعات‭ ‬حياتهم،‭ ‬تطبيق‭ ‬لكلمات‭ ‬الفنانة‭ ‬المكسيكية‭ ‬القديرة‭ ‬فريدا‭ ‬كالو‭ "‬أنا‭ ‬ارسم‭ ‬الورود،‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تموت‭"‬،‭ ‬هذه‭ ‬الورود‭ ‬التي‭ ‬تأبى‭ ‬أن‭ ‬تموت،‭ ‬هي‭ ‬الاحتلال‭ ‬المستمر‭ ‬الذي‭ ‬يقرر‭ ‬شكل‭ ‬الحياة‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬هي‭ ‬الدافع‭ ‬النسوي‭ ‬للخريجات‭ ‬بطرح‭ ‬قضايا‭ ‬مكانة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬العربي،‭ ‬هي‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬كسر‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬الموروثة،‭ ‬وهي‭ ‬الذكريات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يريدونها‭ ‬أن‭ ‬تنسى‭. ‬الورود‭ ‬في‭ ‬لوحات‭ ‬فريدا‭ ‬هي‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬خلدها‭ ‬الخريجون‭ ‬في‭ ‬أعمالهم،‭ ‬وصيحتهم‭ ‬الأبدية‭: " ‬نحن‭ ‬هنا‭". ‬يتفاقم‭ ‬زخم‭ ‬القصة‭ ‬الشخصية‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬عند‭ ‬احتوائها‭ ‬لأفراد‭ ‬الأسرة،‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬الجريئة‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬أعمال‭ ‬مصورة‭ ‬برزت‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الكليات‭ ‬تقريبا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬قد‭ ‬أثرت‭
‬في‭ ‬رؤيتي‭ ‬وتقيمي‭ ‬للأعمال،‭ ‬لأن‭ ‬في‭ ‬أدخال‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬شجاعة‭ ‬في‭ ‬مشاركة‭ ‬الحياة‭ ‬الخصوصية،‭ ‬ومقولة‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬هذه‭ ‬العائلات‭ ‬لأفرادها‭ ‬في‭ ‬مسيرتهم‭ ‬الفنية‭.‬

بالرغم‭ ‬من‭ ‬انبهاري‭ ‬في‭ ‬مشاركة‭ ‬القصص‭ ‬الشخصية،‭ ‬وإشراك‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة‭ ‬في‭ ‬الأعمال،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الإشكاليات‭ ‬لم‭ ‬ترُق‭ ‬لي‭. ‬فقد‭ ‬افتقر‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬لنصوص‭ ‬وحتى‭ ‬عناوين‭ ‬تحكي‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬الفني،‭ ‬فأنا‭ ‬شخصيًا‭, ‬لا‭ ‬أوافق‭ ‬الرأي‭ ‬بأن‭ ‬النصوص‭ ‬تشوه‭ ‬رؤيتنا‭ ‬وتقييمنا‭ ‬للأعمال،‭ ‬كنت‭ ‬أُشاهد‭ ‬الأعمال‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى،‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬شيء‭ ‬عن‭ ‬الفنانين‭ ‬أيضا،‭ ‬لا‭ ‬خلفيتهم‭ ‬ولا‭ ‬أعمال‭ ‬سابقة‭ ‬لهم،‭ ‬وهذا‭ ‬لم‭ ‬يمكنني‭ ‬من‭ ‬فهم‭ ‬الأعمال،‭ ‬أو‭ ‬القصد‭ ‬من‭ ‬كومة‭ ‬ملابس‭ ‬ملقاة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬بلا‭ ‬عنوان‭ ‬أو‭ ‬نص‭. ‬كان‭ ‬شح‭ ‬استعمال‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تركتني‭ ‬في‭ ‬حيرة،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لأعمال‭ ‬الطلاب‭ ‬العرب،‭ ‬التي‭ ‬تتناول‭ ‬تحديدا‭ ‬قضايا‭ ‬أزمة‭ ‬الهوية‭ ‬وتجاهل‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬مرفقة‭ ‬بنصوص‭ ‬باللغة‭ ‬العبرية‭ ‬فقط؟‭! ‬كما‭ ‬عرضت‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬فيتسو‭. ‬إنها‭ ‬لمفارقة‭ ‬سخيفة‭ ‬فعلا‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬القبول‭ ‬بها‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬خصوصًا‭ ‬أوجه‭ ‬أصابع‭ ‬الاتهام‭ ‬نحو‭ ‬المركز‭ ‬الأكاديمي‭, ‬إذ‭ ‬أرى‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬واجبه‭ ‬احتضان‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬والمفاهيم،‭ ‬وأن‭ ‬يقوم‭ ‬هو‭ ‬بدوره‭ ‬بنقلها‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭.‬

تجدر‭ ‬الأشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أكاديمية‭ ‬بتسلئيل‭ ‬قد‭ ‬قامت‭ ‬بإرفاق‭ ‬النصوص‭ ‬بثلاثة‭ ‬لغات،‭ ‬العبرية‭ ‬العربية‭ ‬والإنجليزية‭ ‬إلى‭ ‬الأعمال،‭ ‬مؤكدة‭ ‬مخاطبتها‭ ‬كافة‭ ‬الزائرين‭.‬

كانت‭ ‬هناك‭ ‬معارض‭ ‬بارزة‭ ‬شملت‭ ‬أعمال‭ ‬خريجين‭ ‬استثمروا‭ ‬الوقت‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬الفكرة‭ ‬والعناصر‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬تخرجهم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬كونها‭ ‬أعمال‭ ‬مبدعة‭ ‬مع‭ "‬رسالة‭"‬،‭ ‬تثير‭ ‬الفضول‭, ‬الأفكار‭ ‬والمشاعر‭ ‬لدى‭ ‬المشاهد‭. ‬لكن‭ ‬الاعمال‭ ‬كهذه‭, ‬الممتازة‭, ‬التي‭ ‬صادفتها‭ ‬أثناء‭ ‬جولاتي‭ ‬قليلة‭ ‬للأسف‭. ‬لكن‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أعمال‭ ‬جعلتني‭ ‬أتساءل‭ ‬عن‭ ‬اختيار‭ ‬الفنان‭ ‬للوسيلة‭ ‬وللأسلوب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬برأيي‭ ‬إلى‭ ‬عظمة‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخريجين‭ ‬المتفوقين‭ ‬حيث‭ ‬رافقتني‭ ‬التساؤلات‭ ‬عن‭ ‬أعمالهم‭ ‬حتى‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬خروجي‭ ‬من‭ ‬المعرض‭. ‬جذبتني‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬وسائل‭ ‬فنية‭ ‬متعددة‭ ‬حيث‭ ‬استطاع‭ ‬الاستخدام‭ ‬والدمج‭ ‬الصحيح‭ ‬بين‭ ‬الوسائط‭, ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رسالة‭ ‬الفنان‭ ‬نفسها‭ ‬بأصوات‭ ‬مختلفة‭ - ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بمقدور‭ ‬سوى‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬الخريجين‭ ‬القيام‭ ‬به‭.‬

‬أما‭ ‬بما‭ ‬يتعلق‭ ‬في‭ ‬المعارض‭ ‬ذاتها،‭ ‬فقد‭ ‬شعرت‭ ‬في‭ ‬بعضها‭ ‬بالاستهتار‭ ‬تجاه‭ ‬الأعمال،‭ ‬وعدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتنسيق‭ ‬والإدارة‭ ‬والتنظيم،‭ ‬وهذا‭ ‬امر‭ ‬يخفي‭ ‬جماليات‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭. ‬على‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬لمسته‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬جامعة‭ ‬حيفا،‭ ‬الذي‭ ‬يقام‭ ‬في‭ ‬مبنى‭ ‬كلية‭ ‬الفنون،‭ ‬حيث‭ ‬أتاح‭ ‬هذا‭ ‬المعرض‭ ‬إمكانية‭ ‬التنقل‭ ‬بين‭ ‬الأعمال‭ ‬بسهولة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬الى‭ ‬تنوع‭ ‬الموضوعات‭ ‬والأساليب‭ ‬الفنية،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬المنصرم‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يبرز‭ ‬فيه‭ ‬سوى‭ ‬أصوات‭ ‬نسوية‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭. ‬بالإضافة‭ ‬الى‭ ‬معرض‭ ‬اكاديمية‭ ‬بتسلئيل‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬أتمكن‭ ‬عن‭ ‬التوقف‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬فيه‭ ‬وفي‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬عرضت‭ ‬فيه‭ ‬،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬وجدت‭ ‬فيه‭ ‬مستوى‭ ‬عالٍ‭ ‬من‭ ‬الإبداع‭ ‬والتخطيط‭ ‬الدقيق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كليات‭ ‬أخرى،‭ ‬احتوت‭ ‬كافة‭ ‬أعمال‭ ‬الطلاب‭ ‬العرب‭ ‬عناصر‭ ‬لأفراد‭ ‬من‭ ‬العائلة،‭ ‬أخص‭ ‬بالذكر‭ ‬ثلاثة‭ ‬أعمال،‭ ‬أثنين‭ ‬منهما‭ ‬شاركت‭ ‬العائلات‭ ‬فيهما‭ ‬بشكل‭ ‬فعال،‭ ‬وللأسف‭ ‬بعد‭ ‬دعوتنا‭ ‬للفنانين‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬يعاد‭ ‬لم‭ ‬نتلقى‭ ‬منهم‭ ‬ردا،‭ ‬أما‭ ‬العمل‭ ‬الثالث‭ ‬فقد‭ ‬تناول‭ ‬فيه‭ ‬الفنان‭ ‬ذكريات‭ ‬الطفولة،‭ ‬فقد‭ ‬أدخل‭ ‬شخصية‭ ‬والدته‭ ‬بطريقة‭ ‬مبتكرة‭ ‬لم‭ ‬نرى‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬أخرى‭. ‬نجح‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ,‬بالاستعارة‭ ‬بأغنية‭ ‬لوردة‭ ‬الجزائرية‭ ‬وشجرة‭ ‬النخيل‭ ‬وزي‭ ‬الفنان،‭ ‬باستحضار‭ ‬تجربته‭ ‬الشخصية‭ ‬وتمريرها‭ ‬للمتلقي‭ ‬بطريقته‭ ‬الخاصة‭ ‬وبالاستعانة‭ ‬بالنص‭ ‬المرافق‭. ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬وبسبب‭ ‬تقييدات‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭, ‬لم‭ ‬يلقى‭ ‬معرض‭ ‬الطلاب‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬بتسلئيل‭ ‬بالجمهور‭ ‬الذي‭ ‬يستحق‭ ‬حيث‭ ‬نفذت‭ ‬الأماكن‭ ‬المتاحة‭ ‬للدخول‭ ‬بسرعة‭ ‬كبيرة،‭ ‬واقتصرت‭ ‬مدة‭ ‬الزيارة‭ ‬على‭ ‬الساعة‭ ‬والنصف‭ ‬فقط‭.

 

أود‭ ‬أخيرا‭ ‬أن‭ ‬ابتعد‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬المعارض‭ ‬والأعمال،‭ ‬وأناقش‭ ‬الفنانين‭ ‬ذواتهم‭ ‬و‭ ‬خطواتهم‭ ‬التالية،‭ ‬كيف‭ ‬سينمون‭ ‬ويتطوروا،‭ ‬وإلى‭ ‬أين‭ ‬سيحملهم‭ ‬المستقبل؟‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬مقاومة‭ ‬اليأس‭ ‬عند‭ ‬رؤيتي‭ ‬لأعمال‭ ‬ابهرتني،‭ ‬لأني‭ ‬ادرك‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬سيواجهها‭ ‬الفنانون‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬سلطتها‭ ‬لا‭ ‬تستثمر‭ ‬بالثقافة‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي،‭ ‬وشح‭ ‬الميزانيات‭ ‬المخصصة‭ ‬للمجتمع‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة‭ ‬ودعم‭ ‬مجتمع‭ ‬الفنانين،‭ ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التيارات‭ ‬المعارضة‭ ‬للفنون‭ ‬وتضع‭ ‬امام‭ ‬الفنانين‭ ‬معيقات‭ ‬وتحديات‭ ‬مجتمعية‭ ‬وتوجهات‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬الفن‭ ‬عندما‭ ‬يتطرق‭ ‬إلى‭ ‬مواضيع‭ "‬غير‭ ‬مقبولة‭" ‬او‭ ‬محبذة‭ ‬اجتماعيًا‭.‬

 

يفرض‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬المعقد‭ ‬على‭ ‬الخريجين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬معضلتين‭ ‬أساسيتين،‭ ‬صراع‭ ‬على‭ ‬البعد‭ ‬القومي‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬المحلية‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬اليهودي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬او‭ ‬صراع‭ ‬داخلي‭ ‬في‭ ‬البعد‭ ‬الشخصي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬المحلي‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬الداخل‭. ‬ارى‭ ‬أن‭ ‬التحدي‭ ‬الرئيسي‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يواجهه‭ ‬الخريجون‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬هو‭ ‬صعوبة‭ ‬قبول‭ ‬الفن‭ ‬الذي‭ ‬يتجاوز‭ "‬المسموح‭" ‬ويقدم‭ ‬نظرة‭ ‬على‭ ‬الوسائط‭ ‬التي‭ ‬يُفترض‭ ‬أنها‭ "‬غربية‭".. ‬ينبع‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬أساسًا‭ ‬من‭ "‬الاغتراب‭" ‬الذي‭ ‬يشعر‭ ‬به‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬تجاه‭ ‬الفن‭ ‬بكامل‭ ‬أشكاله‭ ‬تقريبا،‭ ‬حيث‭ ‬طالما‭ ‬كان‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬بعيدًا،‭ ‬جغرافيا‭ ‬حتى،‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭.‬

يتعامل‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منه‭ ‬تحت‭ ‬خط‭ ‬الفقر‭ ‬مع‭ ‬الفن‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬حقل‭ ‬خاص‭ ‬لمن‭ ‬يتمتعون‭ ‬بامتيازات‭ ‬طبقية،‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الغربيين‭ ‬او‭ "‬اليهود‭". ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬أحد‭ ‬أسباب‭ ‬النسب‭ ‬العالية‭ ‬للطالبات‭ ‬العربيات‭ ‬في‭ ‬مساقات‭ ‬الفنون‭ ‬أو‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬مقارنةً‭ ‬بعدد‭ ‬الطلاب‭ ‬العرب،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬التصور‭ ‬أن‭ ‬اب‭ ‬الأسرة‭ ‬هو‭ ‬المعيل‭ ‬الرئيسي‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهو‭ ‬ملتزم‭ ‬بتعلم‭ ‬مهنة‭ ‬وليس‭ "‬هواية‭". ‬من‭ ‬جانب‭ ‬اخر،‭ ‬لا‭ ‬تستثمر‭ ‬الدولة‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالفن‭. ‬بالكاد‭ ‬تدرس‭ ‬تخصصات‭ ‬الفنون‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الثانوية،‭ ‬وعندما‭ ‬تتواجد‭ ‬فيها‭ ‬لا‭ ‬تُلاءم‭ ‬ثقافيًا‭ ‬للمجتمع‭ ‬العربي‭. ‬زد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬غياب‭ ‬المعارض‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬مجملا،‭ ‬وأن‭ ‬غالبية‭ ‬المعارض‭ ‬الموجودة‭ ‬فيه‭ ‬تابعة‭ ‬لمؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭. ‬كذلك‭ ‬الامر‭ ‬في‭ ‬قلة‭ ‬المتاحف‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي،‭ ‬هذان‭ ‬النقصان‭ ‬يعيقان‭ ‬تطور‭ ‬ثقافة‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الفنية‭. ‬وبالتالي‭ ‬يؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬البطالة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الفنانين‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬تخرجوا‭ ‬للتو‭ ‬وغيرهم‭ ‬كثيرين‭ ‬من‭ ‬قبلهم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬يحبونه‭ ‬كثيرًا‭.‬

شخصيًا‭ ‬ارى‭ ‬أن‭ ‬الانكشاف‭ ‬للفن‭ ‬عليه‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكر‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬يهودية‭ ‬كثيرة،‭ ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬لغة‭ ‬يمكن‭ ‬للجميع‭ ‬فهمها‭ ‬وتطوير‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬النقد‭ ‬الذاتي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬بواسطتها‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬القدرات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتطور‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬خطوات‭ ‬صغيرة‭ ‬مثل‭ ‬إنشاء‭ ‬صالات‭ ‬عرض‭ ‬أو‭ ‬مساحات‭ ‬مخصصة‭ ‬للفن‭. ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬مساحات‭ ‬تسمح‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الخريجين‭ ‬بتحقيق‭ ‬أنفسهم‭ ‬ومصيرهم‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬أننا‭ ‬قد‭ ‬نتوقف‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬عن‭ ‬رسم‭ ‬القضايا‭ ‬المتعلقة‭ ‬بقتل‭ ‬النساء‭ ‬أو‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي،‭ ‬وأن‭ ‬يتوقف‭ ‬الآباء‭ ‬عن‭ ‬تفضيل‭ ‬أن‭ ‬يدرس‭ ‬أطفالهم‭ "‬المهنة‭" ‬–‭ ‬القانون‭, ‬الطب‭ ‬أو‭ ‬الصيدلة‭. ‬ربما‭ ‬سيتوقفون‭ ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬تعليمنا‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬أن‭ ‬دراسة‭ ‬الفن‭ ‬هي‭ ‬مجرد‭ ‬هواية،‭ ‬ولربما‭ ‬يومها‭ ‬سنرى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخريجين‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬الخريجات‭ ‬في‭ ‬أكاديميات‭ ‬الفنون‭.‬

كوني‭ ‬طالبة‭ ‬للماجستير‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفنون‭ ‬أتيحت‭ ‬لي‭ ‬الفرصة‭ ‬لكتابة‭ ‬مراجعة‭ ‬فنية‭ ‬أولى،‭ ‬أقول‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ "‬تدفقي‭" ‬وتدفق‭ ‬الطلاب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لدراسة‭ ‬الفنون‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬يثير‭ ‬الأمل‭ ‬والفرح‭ ‬لدى‭ ‬الجمهور‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تساوي‭ ‬شيئا‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬طالما‭ ‬ننتظر‭ ‬افتتاح‭ ‬المتاحف‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي،‭ ‬وموافقة‭ ‬صالات‭ ‬العرض‭ ‬على‭ ‬عرض‭ ‬أعمال‭ ‬تتحدى‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬وتفكك‭ ‬النظام‭ ‬الأبوي‭ ‬بجميع‭ ‬أبعاده‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

 

مادلين‭ ‬محاميد

لقب أول

لقب ثاني

AlMarkaz_Logo_Gray-03.png
  • Instagram
  • SoundCloud
  • Facebook
bottom of page